الحلم والرفق في حياة الحبيب "محمد"
صلى الله عليه وسلم
الحلم والرفق في حياة الحبيب صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه وسلم
الحلم والرفق في حياة الحبيب صلى الله عليه وسلم
ماأسمى صفةالحلم وأحبها إلى القلوب !
وكم هي عظيمة هذه الصفة حتى جعلهاالله عز وجل
من علامات النبوة وبراهينها وما أروع الموقف
الذي يتجلى فيه حلم النبوة فيهتدي به العقلاء
إلى دين الله هداية قناعة ويقين ومحبة :
هذاحبر من أحبار يهود المدينة المنورة
رأى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وسمع كلامه
سماع تفكر وراقب أحواله مراقبة تبصر وراجع
في التوراة صفات الأنبياء مراجعة تحقق وتدبر
ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويعد
في نفسه لأمر خطير وكرر المجيء حتى رأى الفرصة
السانحة لما يريد رأى عند النبي صلى الله عليه
وسلم رجلاً يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن
جماعته قد أسلموا وجاءت عليهم سنة ضيقة مجدبة
وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم مؤونة يعينهم
لكي لا يظنوا أن ما أصابهم من ضيق كان سببه
دخولهم في الإسلام فيرتدوا عنه ولم يكن عند
النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعطيه حينئذ سارع
الحبر اليهودي زيد بن سعنة لينفذ ما أعده في
نفسه فقال لسيدنامحمدصلى الله عليه وسلم :
أنا أقرضك ما تعينهم به ولكن اجعل بيني وبينك
أجلاً توفيني عنده هذا الدين قال النبي صلى الله
عليه وسلم: نعم وضرب لليهودي أجلاً معيناً ومرت
الأيام ودنى ذلك الأجل فجاء إلى النبي صلى الله
عليه وسلم قبل اليوم المعين بمدة ليطالبه
بالدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم له:
إن الأجل لم يحن بعد فاقترب الرجل من النبي
صلى الله عليه وسلم بغلظةوامسك بردائه من عند
عنقه وجذبه بعنف وشراسة قائلاً :
يا محمدأعطني حقي فإنكم معشر بني هاشم قوم
تماطلون في وفاء الدين وأثّر الثوب في عنق رسول
الله صلى الله عليه وسلم تأثيراً شديداً فإذا بسيدنا
عمر رضي الله عنه تأخذبنفسه حمية الحق فيقول
يا رسول الله ائذن لي أن أضرب عنق هذا الكافر
فقدآذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
لقدأخذت الحمية من نفس عمر رضي الله عنه ولكنها
لم تأخذ من نفس صاحب الحق الذي أوذي بغير حق
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولادعاه ذلك إلى
البطش بالمعتدي كما هي عادة الزعماء والأمراء
بل صبر واتأد وترفق بالمعتدي غايةالرفق
ثم قال قولة التكرم والتسامي :
يا عمر كنت أنا وهو أحوج إلى غير هذامنك كنت
أحوج إلى أن تأني بحسن الأداء وكان أحوج إلى أن
تأمره بحسن الطلب اذهب فاقضه حقه وزده عليه
لقاء ما خوفته .
سمع الحبر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى
البشر في وجهه وتجلى له الخلق العظيم الذي
جعله الله من دلائل النبوة فغسل ذلك قلبه وأزاح
عنه غشاوات الباطل فهفى قلبه إلى دين الحق
والإيمان بالله ورسوله ومضى مع عمرليأخذ حقه فلما
رأى الزيادة قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟
قال : لقد أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما سمعت لقاء ما روّعتك ولكن أخبرني ماالذي
دعاك إلى مافعلت؟
قال يا عمر : إنه لم يكن شيء أعرفه من علامات
النبوة إلا رأيته في وجه رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين نظرت إليه إلا شيئين لم أكن رأيتهمابعد
( يسبق حلمُه غضبَه ولا تزيده
شدة الجهل عليه إلا حلماً)
فقدرأيت الآن وعلمت فاشهد يا عمر أني قد رضيت
بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه
وسلم نبياً ورسولاً وأشهدك أن شطر مالي صدقةعلى
أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورجع عمر وزيد إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مثل زيد بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
أشهدألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
وهكذاانضم الحبر اليهودي زيد بن سعنة إلى
مكتملي الإيمان بين الأصحاب الكرام الذين
اختارهم الله على العالمين ليحملوا مع نبيه راية
الإيمان فتحقق فيه قول الله تعالى لكليمه موسى
عليه السلام :
ورحمتي وسعت كل شيءفسأكتبها للذين يتقون
و يؤتون الزكاة والذين هم بآياتنايؤمنون .
الى قوله تعالى أولئك هم المفلحون _ الأعراف _.
وهذاالحلم الذي اهتدى به الحبر الخبير بأخلاق
الأنبياء كان سبباً في هداية أبي سفيان الخصم
العنيدالمنافس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
جيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومِن حوله
عشرة آلاف سيف يستأصل شأفه كل معاند لو أشار
لهابأصبعه لكنه لم يزد على أن قال لأبي سفيان
بكل رفق وحلم :
أباسفيان أما آن لك أن تشهد أنه لا إله إلا الله
فاهتز قلب أبي سفيان ولان لما سمع ورأى من
الحلم وقال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأوصلك
وأكرمك : والله لقد علمت أنه لو كان مع الله آلهة
أخرى لنصرتني عليك . ثم قال له النبي صلى الله
عليه وسلم : أبا سفيان :
أماآن لك أن تشهد أني رسول الله ؟
قال : بأبي أنت وأمي ماأحلمك وأوصلك وأكرمك :
أمّا هذه ففي النفس منها شيء ، لقد جرّأه الحلم
الواسع على أن يبوح بوساوس المنافسة الحاسدة
فنبهه العباس صديقه القديم وأنه ينبغي له أن
يغتنم الفرصة لتكفير سيئات الماضي وقال له :
أسلم قبل أن يسقط رأسك عن كاهلك
قال : نعم أشهد ألاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله
وكذلك كان حال صفوان بن أمية صاحب الثارات
القديمة الذي قتل أبوه وعمه على يدي جند رسول
الله صلى الله عليه وسلم لقد هزه حلم النبوة ولكنه
لم يستجب على الفور إنما أعدته رؤية هذا الحلم
الكريم ليدرك الفرق الهائل بين كرم الأخلاق عند
البشر وكرم الأخلاق النبوية لقد وقف يوم فتح مكة
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه
الصلاةوالسلام بكل رفق :
الا تسلم يا صفوان؟ قال : أمهلني شهرين قال
النبي صلى الله عليه وسلم : بل أربعة فادرك صفوان
أنه ليس أمام زعيم يستغل ضعف خصومه وهزيمتهم
في الحرب بل هو أمام داع على الحق بالحلم
والرفق والإكرام
وحين سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة حنين
قال لصفوان : أنه بلغني أن عندك أدراعاً وسيوفاً
فأعنا على حربنا قال : أغصباً يامحمد !
قال: لابل عارية مضمونة وحين انتهت المعركة
بهزيمة الأعداء من قبيلة هوازن اعطاه النبي صلى
الله عليه وسلممن غنائمها وادياً من الغنم فأدرك
حينئذعظمةأخلاق النبوة وسموّها العظيم على كل
أخلاق البش فزالت عن لبه غواشي الباطل فقال على
الفور دون أن ينتظرتمام الشهور الأربعة
أشهد ألا إله إلا الله وانك رسول الله والله ماجادت بهذا
العطاء إلانفس نبي
لقدغسلت أخلاق النبوةقلبه وأعادت إليه فطرته
فعاد للحق مستسلماً لكن ماذاينفع الحلم الواسع
والرفق البالغ والإحسان الدافق مع النفوس
اللئيمة التي أغلقت بالحسدوالحقد كل نوافذ
النور فغدت في ظلمات بعضها فوق بعض
هؤلاء يكونون كما وصفهم الشاعر:
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ولكن سمو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم يتابع
الإحسان إلى هؤلاء لعل القلوب التي حولهم تلين
وتستضيء بنور النبوة فتنفر من اولئك اللئام
وتهتدي إلى الله كماكان الحال مع عبد الله بن أبي بن
سلول رأى زعيم المنافقين في المدينة المنورة
رأى في قدوم النبي صلى الله عليه وسلم زوال زعامة
تشمل كل يثرب زعامة انتظرهاطويلاً وسعى إليها
كثيراً حتى رآها في متناول يده حينئذ تكبر
وأعرض جهاراًثم أسر ذلك في نفسه حين غلب جانب
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقف يوماً عن
تدبير الفتن له ومحاولات الإيقاع بين المهاجرين
والأنصار وآذى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً
كلما سمحت له فرصة حتى تنزلت آيات القرآن تشير
إليه بالبنان وتبرز نفاقه للعيان فيتحدث الناس
أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله بل لقد
استأذنه عمر بن الخطاب في ضرب عنقه حين استعلن
منه النفاق فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتنامت الأنباء إلى سمع ابنه المؤمن القوي
الإيمان عبد الله بن عبدالله فأقبل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : يا رسول الله : بلغني أنك تريد
قتل أبي فإن كنت تريد ذلك فأنا أقتله إني أخشى
إن قتله غيري أن تطلب نفسي بثأره فأقتل مؤمناً
بكافر فأدخل النار فأجابه سيد أهل الحلم صلى الله
عليه وسلم: لاياعبد الله بل نصبر عليه ونترفق به
ونحسن صحبته فاطمأن تنفس عبد الله وزاده حلم
النبوة إيماناً . وتوالت الأيام وتوالت إساءات
ابن سلول وتوالى عليه من رسول الله صلى الله عليه
وسلم الحلم والرفق والإحسان ورأى قومه ذلك كله
فأبغضه أكثرهم وباعدوه ومع ذلك بقيت حوله
جماعة كبيرة من المنافقين ثم انفضوا عنه لما
رأوا من إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه
يوم موته لقد استجاب لطلب ابنه عبد الله بن عبد الله
فصلى عليه وكفنه بقميصه وأنزله حفرته بيده
واستغفر له أكثر من سبعين مرة لإن ربه قال له
إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم
فقال: سأزيد على سبعين ولامه بعض أصحابه صلى الله
عليه وسلم فأعرض عنهم وعامل ابن سلول بالعفو
والحلم والإحسان فغسل ذلك قلوبهم وأقبلوا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون :
نشهد الا إله إلا الله ونشهد أنك رسول الله
أشرقت قلوبهم بنورالإيمان وساروا وراء صاحب
الخلق العظيم الذي يسبق حلمه غضبه ولا تزيده
شدةالجهل عليه إلا حلماً وأدركوا معنى قول الله
تعالى يخاطب نبيه :
"وإنك لعلى خلق عظيم".
******2
وكم هي عظيمة هذه الصفة حتى جعلهاالله عز وجل
من علامات النبوة وبراهينها وما أروع الموقف
الذي يتجلى فيه حلم النبوة فيهتدي به العقلاء
إلى دين الله هداية قناعة ويقين ومحبة :
هذاحبر من أحبار يهود المدينة المنورة
رأى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وسمع كلامه
سماع تفكر وراقب أحواله مراقبة تبصر وراجع
في التوراة صفات الأنبياء مراجعة تحقق وتدبر
ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويعد
في نفسه لأمر خطير وكرر المجيء حتى رأى الفرصة
السانحة لما يريد رأى عند النبي صلى الله عليه
وسلم رجلاً يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن
جماعته قد أسلموا وجاءت عليهم سنة ضيقة مجدبة
وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم مؤونة يعينهم
لكي لا يظنوا أن ما أصابهم من ضيق كان سببه
دخولهم في الإسلام فيرتدوا عنه ولم يكن عند
النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعطيه حينئذ سارع
الحبر اليهودي زيد بن سعنة لينفذ ما أعده في
نفسه فقال لسيدنامحمدصلى الله عليه وسلم :
أنا أقرضك ما تعينهم به ولكن اجعل بيني وبينك
أجلاً توفيني عنده هذا الدين قال النبي صلى الله
عليه وسلم: نعم وضرب لليهودي أجلاً معيناً ومرت
الأيام ودنى ذلك الأجل فجاء إلى النبي صلى الله
عليه وسلم قبل اليوم المعين بمدة ليطالبه
بالدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم له:
إن الأجل لم يحن بعد فاقترب الرجل من النبي
صلى الله عليه وسلم بغلظةوامسك بردائه من عند
عنقه وجذبه بعنف وشراسة قائلاً :
يا محمدأعطني حقي فإنكم معشر بني هاشم قوم
تماطلون في وفاء الدين وأثّر الثوب في عنق رسول
الله صلى الله عليه وسلم تأثيراً شديداً فإذا بسيدنا
عمر رضي الله عنه تأخذبنفسه حمية الحق فيقول
يا رسول الله ائذن لي أن أضرب عنق هذا الكافر
فقدآذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
لقدأخذت الحمية من نفس عمر رضي الله عنه ولكنها
لم تأخذ من نفس صاحب الحق الذي أوذي بغير حق
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولادعاه ذلك إلى
البطش بالمعتدي كما هي عادة الزعماء والأمراء
بل صبر واتأد وترفق بالمعتدي غايةالرفق
ثم قال قولة التكرم والتسامي :
يا عمر كنت أنا وهو أحوج إلى غير هذامنك كنت
أحوج إلى أن تأني بحسن الأداء وكان أحوج إلى أن
تأمره بحسن الطلب اذهب فاقضه حقه وزده عليه
لقاء ما خوفته .
سمع الحبر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى
البشر في وجهه وتجلى له الخلق العظيم الذي
جعله الله من دلائل النبوة فغسل ذلك قلبه وأزاح
عنه غشاوات الباطل فهفى قلبه إلى دين الحق
والإيمان بالله ورسوله ومضى مع عمرليأخذ حقه فلما
رأى الزيادة قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟
قال : لقد أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما سمعت لقاء ما روّعتك ولكن أخبرني ماالذي
دعاك إلى مافعلت؟
قال يا عمر : إنه لم يكن شيء أعرفه من علامات
النبوة إلا رأيته في وجه رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين نظرت إليه إلا شيئين لم أكن رأيتهمابعد
( يسبق حلمُه غضبَه ولا تزيده
شدة الجهل عليه إلا حلماً)
فقدرأيت الآن وعلمت فاشهد يا عمر أني قد رضيت
بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه
وسلم نبياً ورسولاً وأشهدك أن شطر مالي صدقةعلى
أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورجع عمر وزيد إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مثل زيد بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
أشهدألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
وهكذاانضم الحبر اليهودي زيد بن سعنة إلى
مكتملي الإيمان بين الأصحاب الكرام الذين
اختارهم الله على العالمين ليحملوا مع نبيه راية
الإيمان فتحقق فيه قول الله تعالى لكليمه موسى
عليه السلام :
ورحمتي وسعت كل شيءفسأكتبها للذين يتقون
و يؤتون الزكاة والذين هم بآياتنايؤمنون .
الى قوله تعالى أولئك هم المفلحون _ الأعراف _.
وهذاالحلم الذي اهتدى به الحبر الخبير بأخلاق
الأنبياء كان سبباً في هداية أبي سفيان الخصم
العنيدالمنافس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
جيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومِن حوله
عشرة آلاف سيف يستأصل شأفه كل معاند لو أشار
لهابأصبعه لكنه لم يزد على أن قال لأبي سفيان
بكل رفق وحلم :
أباسفيان أما آن لك أن تشهد أنه لا إله إلا الله
فاهتز قلب أبي سفيان ولان لما سمع ورأى من
الحلم وقال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأوصلك
وأكرمك : والله لقد علمت أنه لو كان مع الله آلهة
أخرى لنصرتني عليك . ثم قال له النبي صلى الله
عليه وسلم : أبا سفيان :
أماآن لك أن تشهد أني رسول الله ؟
قال : بأبي أنت وأمي ماأحلمك وأوصلك وأكرمك :
أمّا هذه ففي النفس منها شيء ، لقد جرّأه الحلم
الواسع على أن يبوح بوساوس المنافسة الحاسدة
فنبهه العباس صديقه القديم وأنه ينبغي له أن
يغتنم الفرصة لتكفير سيئات الماضي وقال له :
أسلم قبل أن يسقط رأسك عن كاهلك
قال : نعم أشهد ألاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله
وكذلك كان حال صفوان بن أمية صاحب الثارات
القديمة الذي قتل أبوه وعمه على يدي جند رسول
الله صلى الله عليه وسلم لقد هزه حلم النبوة ولكنه
لم يستجب على الفور إنما أعدته رؤية هذا الحلم
الكريم ليدرك الفرق الهائل بين كرم الأخلاق عند
البشر وكرم الأخلاق النبوية لقد وقف يوم فتح مكة
بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه
الصلاةوالسلام بكل رفق :
الا تسلم يا صفوان؟ قال : أمهلني شهرين قال
النبي صلى الله عليه وسلم : بل أربعة فادرك صفوان
أنه ليس أمام زعيم يستغل ضعف خصومه وهزيمتهم
في الحرب بل هو أمام داع على الحق بالحلم
والرفق والإكرام
وحين سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة حنين
قال لصفوان : أنه بلغني أن عندك أدراعاً وسيوفاً
فأعنا على حربنا قال : أغصباً يامحمد !
قال: لابل عارية مضمونة وحين انتهت المعركة
بهزيمة الأعداء من قبيلة هوازن اعطاه النبي صلى
الله عليه وسلممن غنائمها وادياً من الغنم فأدرك
حينئذعظمةأخلاق النبوة وسموّها العظيم على كل
أخلاق البش فزالت عن لبه غواشي الباطل فقال على
الفور دون أن ينتظرتمام الشهور الأربعة
أشهد ألا إله إلا الله وانك رسول الله والله ماجادت بهذا
العطاء إلانفس نبي
لقدغسلت أخلاق النبوةقلبه وأعادت إليه فطرته
فعاد للحق مستسلماً لكن ماذاينفع الحلم الواسع
والرفق البالغ والإحسان الدافق مع النفوس
اللئيمة التي أغلقت بالحسدوالحقد كل نوافذ
النور فغدت في ظلمات بعضها فوق بعض
هؤلاء يكونون كما وصفهم الشاعر:
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ولكن سمو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم يتابع
الإحسان إلى هؤلاء لعل القلوب التي حولهم تلين
وتستضيء بنور النبوة فتنفر من اولئك اللئام
وتهتدي إلى الله كماكان الحال مع عبد الله بن أبي بن
سلول رأى زعيم المنافقين في المدينة المنورة
رأى في قدوم النبي صلى الله عليه وسلم زوال زعامة
تشمل كل يثرب زعامة انتظرهاطويلاً وسعى إليها
كثيراً حتى رآها في متناول يده حينئذ تكبر
وأعرض جهاراًثم أسر ذلك في نفسه حين غلب جانب
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقف يوماً عن
تدبير الفتن له ومحاولات الإيقاع بين المهاجرين
والأنصار وآذى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً
كلما سمحت له فرصة حتى تنزلت آيات القرآن تشير
إليه بالبنان وتبرز نفاقه للعيان فيتحدث الناس
أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله بل لقد
استأذنه عمر بن الخطاب في ضرب عنقه حين استعلن
منه النفاق فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتنامت الأنباء إلى سمع ابنه المؤمن القوي
الإيمان عبد الله بن عبدالله فأقبل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : يا رسول الله : بلغني أنك تريد
قتل أبي فإن كنت تريد ذلك فأنا أقتله إني أخشى
إن قتله غيري أن تطلب نفسي بثأره فأقتل مؤمناً
بكافر فأدخل النار فأجابه سيد أهل الحلم صلى الله
عليه وسلم: لاياعبد الله بل نصبر عليه ونترفق به
ونحسن صحبته فاطمأن تنفس عبد الله وزاده حلم
النبوة إيماناً . وتوالت الأيام وتوالت إساءات
ابن سلول وتوالى عليه من رسول الله صلى الله عليه
وسلم الحلم والرفق والإحسان ورأى قومه ذلك كله
فأبغضه أكثرهم وباعدوه ومع ذلك بقيت حوله
جماعة كبيرة من المنافقين ثم انفضوا عنه لما
رأوا من إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه
يوم موته لقد استجاب لطلب ابنه عبد الله بن عبد الله
فصلى عليه وكفنه بقميصه وأنزله حفرته بيده
واستغفر له أكثر من سبعين مرة لإن ربه قال له
إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم
فقال: سأزيد على سبعين ولامه بعض أصحابه صلى الله
عليه وسلم فأعرض عنهم وعامل ابن سلول بالعفو
والحلم والإحسان فغسل ذلك قلوبهم وأقبلوا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون :
نشهد الا إله إلا الله ونشهد أنك رسول الله
أشرقت قلوبهم بنورالإيمان وساروا وراء صاحب
الخلق العظيم الذي يسبق حلمه غضبه ولا تزيده
شدةالجهل عليه إلا حلماً وأدركوا معنى قول الله
تعالى يخاطب نبيه :
"وإنك لعلى خلق عظيم".
******2
من صور العفو والحلم في سيرته
صلى الله عليه وسلم :-
1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف
طلباً للحمايةمما ناله من أذى قومه ، لم يجد
عندهم من الإجابة ما تأمل ،بل قابله ساداتها
بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي
الحجارة عليه،فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم
من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط
على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل رضي الله
عنه قائماًعنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال
برسالة يقول فيها:
إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين،
فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً:
( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده
لا يشرك به شيئا )
رواه البخاري ، فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من
إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ
وجهه يوم أُحد،شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا:
يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه
قائلاً لهم:
( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة )
رواه مسلم .
3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على
النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على
أهل دوس لعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبل القبلة قائلا:
( اللهم اهد دوساً ).
رواه البخاري .
4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب،
حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء
النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على
عنقه عليه السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي:
مُر لي من مال الله الذي عندك ، فقابله النبي صلى
الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في
غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك
النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر،
يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من
بيت مال المسلمين.
5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج
منهاوهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله
تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً:
( ما تقولون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً ،
أخ كريم ،وابن أخ كريم ،
فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) :
{ لا تثريب عليكم اليوم يغفراللَّه لكم وهو أرحم
الراحمين } (يوسف:92)،
( اذهبوا فأنتم الطلقاء )
رواه البيهقي .
6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام،
أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة،
ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أوالبدن ، بل
كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم
تقول عائشة رضي الله عنها:
( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده
ولا امرأةولاخادما إلا أن يجاهد في سبيل الله
وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه
إلاأن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل )
رواه مسلم.
صلى الله عليه وسلم :-
1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف
طلباً للحمايةمما ناله من أذى قومه ، لم يجد
عندهم من الإجابة ما تأمل ،بل قابله ساداتها
بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي
الحجارة عليه،فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم
من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط
على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل رضي الله
عنه قائماًعنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال
برسالة يقول فيها:
إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين،
فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً:
( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده
لا يشرك به شيئا )
رواه البخاري ، فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من
إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ
وجهه يوم أُحد،شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا:
يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه
قائلاً لهم:
( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة )
رواه مسلم .
3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على
النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على
أهل دوس لعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبل القبلة قائلا:
( اللهم اهد دوساً ).
رواه البخاري .
4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب،
حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء
النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على
عنقه عليه السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي:
مُر لي من مال الله الذي عندك ، فقابله النبي صلى
الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في
غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك
النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر،
يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من
بيت مال المسلمين.
5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج
منهاوهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله
تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً:
( ما تقولون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً ،
أخ كريم ،وابن أخ كريم ،
فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) :
{ لا تثريب عليكم اليوم يغفراللَّه لكم وهو أرحم
الراحمين } (يوسف:92)،
( اذهبوا فأنتم الطلقاء )
رواه البيهقي .
6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام،
أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة،
ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أوالبدن ، بل
كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم
تقول عائشة رضي الله عنها:
( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده
ولا امرأةولاخادما إلا أن يجاهد في سبيل الله
وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه
إلاأن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل )
رواه مسلم.
يتبع